ما هو زنا المحارم و حكمه في الاسلام، الزنا بالمحارم من كبائر الذنوب وهو من أقبح الزنا على الإطلاق، وقد اختلف الفقهاء في عقوبته، وجمهور الفقهاء على أن الزاني بإحدى محارمه كالزاني بأجنبية، وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أن عقوبته القتل محصنا كان أم غير محصن وماله لبيت مال المسلمين، وهذا الرأي تدعمه الأدلة، وقد رجحه الإمام ابن القيم.
الدلائل على حرمانية زنا المحارم
نص أهل العلم على تفاوت إثم الزنا كما هو الحال فيمن يزني بزوجة جاره وكذا من يزني بإحدى محارمه،ويدل عليه ما ورد في الحديث عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرَّمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره، فقال ما تقولون في السرقة ؟ قالوا حرَّمها الله ورسوله فهي حرام قال لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره.) رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات، كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/168، وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 1/96، الزنا بالمحارم من أفحش الزنا وأقبحه لما فيه من انتهاكٍ لحرمات الله، يقول الله سبحانه وتعالى:( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) سورة الإسراء الآية 32، قال الشيخ ابن حجر المكي الهيتمي:[وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم] الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/301.
الحكم الشرعي لزنا المحارم
الزنا كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تعالى على عباده، بل حرم القرب منها والوقوع في دواعيها ومقدماتها. قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً. {الإسراء:32}، وإذا كان الزنا محرماً بين عموم الناس فإن حرمته أشد إذا وقع على المحارم. وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم، الواجب على من وقع في هذه الفاحشة العظيمة أن يتوب إلى الله توبة صادقة بالندم على ما فات والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود إليه، وهذه التوبة واجبة وليس جائزة فقط، وينبغي أن يواظب على صحبة أهل الخير والصلاح الذين يذكرونه بالله، وعليه أن يحرص على القيام بالواجبات الدينية من صلاة وصيام ونحوهما، ثم ينبغي أن يكثر من النوافل من صلاة وصيام وحج وعمرة وصدقة ونحو ذلك قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}. فإن ذلك مما يثبت الإيمان في القلب ويصرف عنه دواعي الشر والفتنة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه )، ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأة الجار. فإن كان الجار غائباً في طاعة الله كالعبادة، وطلب العلم، والجهاد، تضاعف الإثم، حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء.