ما هي حادثة الغرانيق ومدى صحتها اسلام ويب

ما هي حادثة الغرانيق ومدى صحتها اسلام ويب، قصة الغرانيق هي رواية وردت في بعضِ كُتب التاريخ والتفسير، أنكرها العديد من العلماء والمفسرين المعاصرين وأجمعوا على عدم صحتها وكذبها ووضعها، تقول القصة أن النبي محمد كان يصلي بالناس في مكة ويقرأ سورة النجم، فألقى الشيطان في أثناء قراءته كلماتٍ على لسانه فيها الثناء على آلهة المشركين وإثبات الشفاعة لها عند الله، وهذه الكلمات هي: ( تلك الغرانيق العُلى، وإن شفاعتهن لَتُرتَجَى) وأن المشركين لما سمعوا ذلك فرحوا واطمأنوا وسجدوا مع النبي محمد لأنه أثنى على آلهتهم وذكرها بخير في صلاته.

أصل قصة الغرانيق

أصل هذه القصة حادثة وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة في بداية الدعوة، أنه حين أوحيت إليه سورة النجم قرأها على جمعٍ من المسلمين والمشركين، فلما بلغ آخرَها حيث يقول الله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} النجم/59-62 سجد النبي صلى الله عليه وسلم، وسجد معه جميعُ مَن حضر من المسلمين والمشركين، إلا رجلين اثنين: أمية بن خلف، والمطلب بن وداعة .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ ) رواه البخاري ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ ( وَالنَّجْمِ ) قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلاَّ رَجُلاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَف ) رواه مسلم .

قصة الغرانيق في كتابات المستشرقين

قصة الغرانيق في كتابات المستشرقين
قصة الغرانيق في كتابات المستشرقين

وردت قصة الغرانيق في كتاب (تاريخ الشعوب الإسلامية) للمستشرق الألماني كارل بروكمان إذ يقول عن النبي محمد: «ولكنه على ما يظهر اعترف بالسنوات الأولى من بعثته بآلهه الكعبة الثلاث اللواتي كان مواطنوه يعتبرونها بنات الله، ولقد أشار إليهن في إحدى الآيات الموحاة بقوله:(تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم ترتضى)» .وقد تبنى هذا القول بعض المفكرين المعاصرين مثل سليمان رشدي في كتابه (آيات شيطانية) الذي اعتبر أن الأحاديث الواردة في صحيح البخاري ومسلم عن سجود النبي ومن معه من المسلمين والمشركين والجن والإنس هي إثبات لصحة رواية الغرانيق، بالرغم من أن الإمام البخاري ومسلم لم يذكرا الرواية أبدًا في صحيحهما بتلك الألفاظ ولم يشيرا إليها لا من قريب ولا بعيد.

ومن الملاحظ أن كارل بروكمان قد قطع بصحة رواية الغرانيق لمجرد أنها ذكرت في كتاب تاريخ الطبري أو المسمى بـ (تاريخ الأمم والملوك) الذي ألفه المؤرخ إبن جرير الطبري، بالرغم من أن الطبري نفسه قد ذكر في مقدمة كتابه بأنه كان يكتب كل ما كان يسمعه من الناس سواءًا كان صحيحًا أم خاطئًا، كما هو بدون زيادة أو نقصان من باب الأمانة العلمية، تاركًا للقارى حرية قبول الرواية أو رفضها، يقول الطبري في مقدمة كتابه:«وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه دون ما أدرك بحجج العقول واستنبط بفكر النفوس إلا اليسير القليل منه إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين وما هو كائن من أنباء الحادثين غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم إلا بإخبار المخبرين ونقل الناقلين دون الاستخراج بالعقول والاستنباط بفكر النفوس فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا».

Scroll to Top