اذا كان الانسان يملك عمارة ولا ينوي بيعها وانما ينوي تأجيرها هل تجب فيها الزكاة، من المعلوم أن للعقار اليوم وضعاً مختلفاً عن السابق من حيث الرواج والإقبال ، وله أحوال يختلف حكم الزكاة باختلافها .
والعقار: يُراد به ما يملكه الإِنسان من الأراضي ، والمنشآت التي عليها من : البيوت، والقصور، والعمائر، والشقق، والدكاكين، ومحطات الوقود، والاستراحـات ، ونحوها.
حكم الزكاة عن عمارة يتم تأجير شققها
أوضح عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ سعد الشثري، حكم الزكاة على عمارة بها شقق يتم تأجيرها ولا ينوي مالكها بيعها.
وذكر الشثري أن مثل هذه المباني لا يجب الزكاة عليها لأنها ليست من أموال الزكاة، وإنما تجب الزكاة في غلة الأجرة إذا مضى عليها حول، وذلك بحسب ما ذكره في برنامج “فتاوى” المذاع على قناة “السعودية”، وأضاف أن الحول يبدأ من يوم وجوب تسليم الأجرة حتى ولو تأخر تسليمها، وإذا مضى على وقت تسليم الأجرة عام كام وجبت الزكاة.
القول عن زكاة العقار
1- القاعدة العامة في هذا الباب : أن العقار ليس من الأموال الزكوية ، ولذلك فالأصل عدم وجوب الزكاة فيه إلا إذا كان للتجارة .
2- العقار الذي يتخذه الإنسان للسكنى أو لأيِّ استعمالٍ شخصي كمستودع ونحوه : لا زكاة فيه باتفاق العلماء.
وذلك لأن العقار يعد في هذه الحال من أموال القنية ، والزكاة لا تجب فيها بالاتفاق .
ينظر جواب السؤال : (224770) .
وسواء أكانت نية القنية موجودة عند الشراء ، أو طرأت بعد ذلك ، فمجرد نية اقتناء العقار للاستعمال الشخصي تجعله مالاً غير زكوي ، حتى لو بقي سنوات عديدة ، ما دامت نية مالكه لم تتغير عن هذا القصد .
3- الأرض الزراعية لا زكاة فيها ، وإنما تجب الزكاة في الزروع والثمار فقط .
أما إذا اشترى أرضاً للتجارة ، وزرعها ريثما يبيعها ، فأثمر النخل ونبت الزرع ، فإنه يزكي الثمرة والحب : زكاة العشر، ويزكي الأرض : زكاة القيمة ؛ لأنهما حقان يختلف سبب وجوبهما ، فلا يسقط أحدهما بالآخر.
قال زكريا الأنصاري: ” فَإِنْ زَرَعَ زَرْعًا لِلْقِنْيَةِ فِي أَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ : فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ ، فَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الزَّرْعِ ، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ “انتهى من “أسنى المطالب” (1/385).
4- العقار الذي يتملكه الإنسان بقصد الاستغلال ، أي لتأجيره والاستفادة من ريعه وغلته : لا زكاة في قيمته ، وإنما الزكاة في الأجرة المتحصلة منه إذا حال عليها الحول .
فالمساكن والمستودعات والشقق المفروشة والفنادق والعمائر: كل هذه العقارات إذا أعدت للتأجير : لا زكاة فيها عند عامة العلماء ، فلا يلزمه تقويم هذا العقار كل سنة وإخراج زكاته .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (223513) ، (47760) .
5- العقار الذي يتملكه الإنسان بنية التجارة : تجب فيه الزكاة عند عامة العلماء.
والمراد بنية التجارة : أن ينوي بتملك هذا العقار التكسب منه والتربح .
قال المرداوي: ” مَعْنَى ” نِيَّةِ التِّجَارَةِ : أَنْ يَقْصِدَ التَّكَسُّبَ بِهِ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ “.
انتهى من “الإنصاف” (3/154).
أما مجرد إرادة البيع فلا تجعله بالضرورة من عروض التجارة ؛ لأن بيع السلع يكون لمقاصد كثيرة كالتخلص من السلعة ، أو عدم الرغبة فيها أحيانا ، أو وجود ضائقة مالية ، أو نحو ذلك ، أما التجارة : فهي البيع بقصد التكسب والتربح منها .
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين لو أن رجلا عنده أرض اشتراها يريد أن يبني عليها ثم عدل عن هذه النية ونوى أن يبيعها لاستغنائه عنها ، أو أن إنسانا عنده أراض فاحتاج , فنوى أن يبيع واحدة منها لدفع حاجته ، فقال : ” فليس عليه زكاة لا في هذه ولا في التي قبلها , لأنه ما نوى البيع هنا للتجارة , لكن نواه في المسألة الأولى لاستغنائه عنها , وفي المسألة الثانية نواه لحاجته إلى قيمتها , بخلاف صاحب العروض فإنه ينتظر فيها الربح ، فهو من الأصل لا يريد إلا أن تكون للتجارة” انتهى من “فتح ذي الجلال” (6/173).
6- إذا تملك العقار ولم يجزم بقصد التجارة أو لم تكن له نية محددة : فلا زكاة فيه .
قال القرافي: ” فَإِنِ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا ” .
انتهى من ” الذخيرة “(3/18) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: رجل عنده أرض واختلفت نيته فيها، لا يدري هل هو يبيعها أو يعمرها أو يؤجرها أو يسكنها، فهل يزكي إذا حال الحول؟
فأجاب: ” هذه الأرض ليس فيها زكاة أصلاً ما دام ليس عنده عزم أكيد على أنها تجارة ، فليس فيها زكاة لأنه متردد ، ومع التردد لو واحداً في المائة فلا زكاة عليه”.
انتهى من ” مجموع فتاوى العثيمين “(18/232) .
7- إذا تملك العقار للقنية والسكنى ، ثم نوى به التجارة بعد ذلك ، ففي وجوب الزكاة فيه خلاف
، وقد سبق ترجيح القول بوجوب الزكاة فيها .
ينظر جواب السؤال : (95761) ، (119048).
8- إذا تملك العقار بنية التجارة ، ثم غير نيته ونوى فيه القنية والاستعمال أو التأجير: فلا زكاة فيه.
لأن شرط النية استصحابها حتى نهاية الحول ، فإذا غير نيته قبل نهاية الحول: سقطت الزكاة .
قال النووي: ” لَوْ قَصَدَ الْقُنْيَةَ بِمَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قُنْيَةً بِالِاتِّفَاقِ” .
انتهى من “المجموع ” (6/ 49).
9- إذا كان العقار لا يزال في مرحلة البناء والإنشاء – وهو للتجارة – فتجب فيه الزكاة سواء كان معروضاً للبيع أو لن يتم بيعه إلا بعد الانتهاء من بناءه ، ويزكيه بحسب قيمته على حالته الراهنة وقت وجوب الزكاة .
وينظر جواب السؤال : (158440) .
10- العقار الذي يتربص به صاحبه ارتفاع الأسعار: تجب الزكاة فيه كل سنة بحسب قيمته ، ولو بقي سنين .
فشراء العقار على نية التربح منه في المستقبل البعيد : لا يسقط الزكاة عنه .
ومنه شراء المخططات البعيدة عن البلد انتظاراً لوقت رغبة الناس فيها وارتفاع سعرها : فهذه النية المستقبلية في بيع الأرض موجبة لزكاتها، ولا تأثير لتأجيل نية البيع ، ما دامت الأرض مرصدة للتجارة ، والمقصود منها نماء المال.
وهذا يسميه أهل العلم “التاجر المتربص” وأصح الأقوال فيه هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب الزكاة عليه في كل عام .
11- العقارات المرهونة : تجب فيها الزكاة إذا كانت معدة للتجارة .
قال الشيخ ابن باز : ” فإن كنت أعددتها للتجارة وهي مرهونة فعليك زكاتها، وإن كانت مرهونة ولم تعد للتجارة ، ولكن مرهونة حتى توفيه حقه، وإذا أوفيته فهي للسكن أو للتأجير، فهذه ليس فيها زكاة “. انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (15/43).
وينظر جواب السؤال : (99311) .